Feeds:
المقالات
التعليقات

Archive for 23 نوفمبر, 2008

في  الثانية مساء  رن هاتفي باصرار..ففزَ ت نفسي قبل جسدي لرنته ،اجبت بسرعة ،كان المتصل اخي من الرياض ..أخي لايتصل عادة في هذا الوقت . لابد أن  امر ا جللا. قد حدث….سألني عن احوالي  بصوت شعرت انه متغير ثم اخبرني ان امي تعبانه وانه ذاهب ا لى جدة  لرؤيتها  ثم قال  يأختي  لو استطعت ان تاتي انت ايضا يكون  افضل   ؟؟.انهى المكالمة بسرعة محاولا طمانتي…ارتعت وازدادت ضربات قلبي..واحسست ان اخي اخفى عني شيئا ما…اتصلت فورا ببيت اختي في جدة فاتاني صوت ابنة اختي يقول عظم الله أجرك ياخالة قلت.. في مــن  ؟؟؟ قالت جدة خديجة لقد ظننت انك تعلمين!!!! وبكت  ..وبكيت ..ولا اتذكر بعد ذلك ما قالت .. ولا ما قلت  .

اللهم لم علي شعث نفسي إنا لله وانا إليه راجعون.. ماتت امي …؟؟؟؟ غابت ست حبايبي ..؟؟؟؟..لن تتعطر  حياتي بانفاسها الطيبه.. بعد اليوم ؟؟؟؟اللهم اجبر كسري بان تجعل سكنها الفردوس.. ياالله…….اللهم ارفق بحالها . وحالي .ليس لي من اطلب منه ذلك ياربي سواك .. ودعت امي الحياة الدنيا ملاقيةلك ربي …ياالرحيم ياالكريم يامن  طالما احسنت  أمي الظن به…احسن إليها وثبتها عند السؤال واجعل منزلتها الفرودس.الأعلى..

.أعلم  بأن امي  ارتاحت من تلك المعاناة الطويلة من المرض  ،، المعاناة التي كان بعضها يهد الجبال والتي كان اخر ها مكوثها في العناية المركزة لشهور  ، مرت فيهابظروف من اصعب ما يمكن ان يمر به بشر  فقد كانت تتنفس بجهاز مثبت في فتحة اجريت لها في حنجرتها ،،وتاكل طعامها من فتحة اخرى   فتحت فوق معدتها ..ولم يبق عرق يستطيع الاطباء منه اخذ  شئ أو إدخال شئ إلى دمها  غير فتحة اخرى في رقتبها …  وقد انتفخ  وتقرح جلدها  باحتباس السوائل في جسدها  واصبح كانه..محترق…

.  كما اعلم اني كنت اشعر عند زيارتها باني اكاد افقد عقلي الما لحالها.لانها كانت تشعر بنا وتنظر الينا  وتسيل دموعها  وتحاول التحدث الينا ولكن لانستطيع ان نسمع صوتها لان جهاز التنفس يعيق ظهور صوتها  ،، كم كنت اشعر بالعجز  حينها…..لم نستطيع ان نعمل شيئا  لتخفيف مابها  كل ما كان بيدنا هو  قراءة القرآن عندها والدعاء لها و “مداراة ” لممرضاتها في العناية المركزة ..حتى لا يسيئن معاملتها ..عند انتهاء وقت الزيارة…..؟؟؟؟اعلم كل ذلك ولكن ذلك كله لم يجعل خبر وفاتها  امرا سهلا على قلبي .. فقد أحسست  وكأن قلبي هوى الى مكان سحيق ….

ماتت أمي …..

.ست احبتي… وتاج رأسي

.من كنت انا وهي جسدا واحدا

من نما جسدي من خلال دمها ولحمها….

من نبض قلبي من خلال نبض قلبها

من رافقتني دعواتها كل حياتي..

.انها الغاليه ……

مع كل ما كانت فيه كان عندي أمل …..تعلمت ذلك منها… لم تفقد  امي املها في حياتي ..بعد ان فقدت اختي التوأم معي بعد قليل من الولادة لم تقل ستلحق باختها  وتموت لقد رعتني بجسدها وقلبها  ودعواتها حتى  اشتد عودي واصبحت على ما انا فيه من خير…لقد  رضعت الامل وحسن الظن بالله مع لبن أمي.

.لاينفع الانفعال الآن

اللهم لم علي شعث نفسي

مشكلتي الآن .كيف اصل اليها قبل ان يحول الثرى بيني وبينها ..ماذا سأصنع  في هذه المسافة التي بيننا..انا في المنطقة الشرقية وهي في المنطقة الغربيه..

اللهم لم علي شعث نفسي …..تماسكت واتصلت  بالخطوط السعودية رد عليَ الهاتف الاكتروني ..استجمعت كل تركيزي حتى احصل على المعلومات الصحيحة  عن الرحلات المغادرة من مطار الدمام الى مطار جدة فلا مجال للخطأ في هذه الحالة ..حسنا الان علمت بأن اول موعد هو في الثامنة صباحا ربي يسر لي امري ..ساستعد لهذه الرحلة واذهب الى المطار واسأل  الله ان يكرمني . فأجد مقعدا لي ولزوجي …..لأن اقرب رحلة بعد ذلك في العاشرة ..ربي يسر لي امري اريد ان اودع امي لااريد ان تدفن قبل ان اراها لو تاخرت سيتم دفنها   لانهم  يريدون ان يصلى عليها بعد صلاة الجمعة في المسجد الحرام وانا اريد لها ذلك  ايضا ..اللهم اكرمني واكرمها .رباه  ..لا اريد ان تفوت امي صلاة الجمعةعليها في المسجد الحرام  . وفي نفس الوقت  اريد ان اراها  والمسها للمرة الاخيرة…كم هو موقف صعب.

..رن هاتفي من جديد كان ابن اختي قال ساكون في انتظارك ياخالة في المطار  .. قلت بقلب يبكي  لاأدري عن ظروف رحلتي لو تاخرت عن العاشرة والنصف انطلقوا بامي الى مكة فانا لااريد ان تفوت ها هذه الفرصة وسيتولاني الله برحمته. ويفعل الله ما يشاء.

…كانت الطائرة في الجو في الثامنة وهبطت قبل العاشرة ..حقيبة ملابسي في يدي ..لن احتاج انتظار العفش  الحمد لله ابن اختي عند باب المطار .. انطلقت السيارة وقلبي يسابقها …   ..رن هاتفي الجوال.. ابن اخي يقول عمتي لا تخافي سننتظرك ..بكيت..ولكن بصمت حتى لايتأثر ابن اختي الذي يقود بنا السيارة..فانا اعلم كم هي عزيزة عليه …

الساعة العاشرةوعشرون دقيقة  وصلت …. رايت سيارة نقل الموتى عند الباب  الآن ادركت ان الامر حقيقة …وكأنني كنت في حلم استيقظت فوجدته واقعا ..ارتعدت فرائصي وانهال دمعي ولم اعد ارى طريقي اصطحبي ابن اخت آخر  الى الداخل ..قال خالة ترى بس ما عندنا غير عشر دقائق. …. معلش الله يعينك..

.أهكذا …أهكذا ..بعد ان كانت ملء سمعي وبصري  لم يبقى لي معها  الا عشر دقائق فقط ..فقط  ..لاغير.

.استقبلتني اخواتي  وأحباب كثربالداخل ….ولم ارد ان اضيع ثانية لانها ستحسم من العشر دقائق كم كانت تلك العشر دقائق ثمينه .. ..ارتميت بجوار امي احضنها  واقبلها ..أقبل ذلك الوجه الذي بدا وكانه  نائم في سلام وادعو لها واستسمح الله منها للمرة الاخيرة .. واقبَل تلك اليد التي طالما مسحت ألمي واقبل القدم التي طالما سعت في مصالحي ..

مضت الدقائق كانها ثانيه وسمعت صوتا عند الباب يقول افسحوا لنا الطريق فلا بد أن نذهب الآن …. واخذو أمي من ين يدي ومن بين ضلوعي ودموعي ..  …واختلط الدعاء بالبكاء..

..وصلت والدتي الى المسجد الحارم مع الاذان وصلى عليها أعداد غفيرة  ممن صلوا الجمعة في المسجد الحرام …وانطلقت جنازتها كالريح ..ودفنت بمقبرة  المعلاة ..المقبرة التي دفن فيها زوجها ووالديها وابنها وبناتها واخوها  وأختها وكثير من احبابها..

.  .وهكذا .ذهبت….تلك الام التي وسع قلبها اثنا عشر ابنا وابنه فقدت منهم ثلاث في طفولتهم وواحد في شيخوختها ..كما اتسع لاخيها الاصغر عندما ماتت أمها فكفلته وظل في بيتنا الى ان تزوج ..وسع قلبها الضعفاء والايتام والمساكين والغرباء ….

ربي اغفر لأمي  وارضى عنها وارضها واسكنها الفردوس واحسن اليها كما احسنت الي واغفر لي ما قصرت في حقها ..لقد اكرمتني يارب  في نفسي  ومننت علي بوداع امي واكرمتني في امي  بالصلاة عليها في بيتك بالمسجد الحرام .بعد صلاة من افضل الصلوات  عندك  واكرمتني بذلك الجمع الغفير الذي صلى عليها وتبع جنازتها واستغفر لها …فلك الحمد.

….ولك الحمد ان وهبتني تلك الأم العظيمة التي  علمتني امورا. عظاما لو قرأت ألف كتاب عن كل واحدة منها ماتعلمت منها مثل ماتعلمت من امي …

.اللهم قد ماتت من كنت تكرمني لأجلها…فلا تمنع عني بذنوبي  سعة رحمتك يالله ..فليس لي ملجأ الا إياك..

ربي اغفر لي ولوالدي وارحمهما كما ربياني صغيرا…..

الراجية لكرم ربها

فائقة الإدريسي

Read Full Post »